كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ومعنى الآية قالوا أي قال الملا للملك ما رايته اضغاث احلام واخلاط من منامات مختلفة وما نحن بتأويل هذا النوع من المنامات بعالمين أو وما نحن بتأويل جميع المنامات بعالمين وانما نعلم تأويل الرؤى الصالحة قوله تعالى: {وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة انا انبئكم بتأويله فأرسلون} الأمة الجماعة التي تقصد لشأن ويغلب استعمالها في الإنسان والمراد بها هاهنا الجماعة من السنين وهى المدة التي نسى فيها هذا القائل وهو ساقى الملك ان يذكر يوسف عند ربه وقد سأله يوسف ذلك فأنساه الشيطان ذكر ربه فلبث يوسف في السجن بضع سنين.
والمعنى وقال الذي نجا من السجن من صاحبي يوسف فيه وادكر بعد جماعة من السنين ما سأله يوسف في السجن حين اول رؤياه انا انبئكم بتأويل ما رآه الملك في منامه فأرسلوني إلى يوسف في السجن حتى اخبركم بتأويل ذلك.
وخطاب الجمع في قوله: {انبئكم} وقوله فارسلون تشريك لمن حضر مع الملك وهم الملا من اركان الدولة واعضاد المملكة الذين يلون امور الناس والدليل عليه قوله الاتى لعلى ارجع إلى الناس كما سيأتي.
قوله تعالى: {يوسف ايها الصديق افتنا في سبع بقرات سمان} إلى آخر الآية في الكلام حذف وتقدير ايجازا والتقدير فأرسلوه فجاء إلى يوسف في السجن فقال: يا يوسف ايها الصديق افتنا في رؤيا الملك وذكر الرؤيا وذكر ان الناس في انتظار تأويله وهذا الأسلوب من لطائف اساليب القرآن الكريم.
وسمى يوسف صديقا وهو كثير الصدق المبالغ فيه لما كان رأى من صدقه فيما عبر به منامه ومنام صاحبه في السجن وامور أخرى شاهدها من فعله وقوله في السجن وقد امضى الله سبحانه كونه صديقا بنقله ذلك من غير رد.
وقد ذكر متن الرؤيا من غير ان يصرح انه رؤيا فقال: {أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر واخر يابسات} لأن قوله افتنا وهو سؤال الحكم الذي يؤدى إليه نظره وكون المعهود فيما بينه وبين يوسف تأويل الرؤيا وكذا ذيل الكلام يدل على ذلك ويكشف عنه.
وقوله: {لعلى ارجع إلى الناس لعلهم يعلمون} لعل الأول تعليل لقوله افتنا ولعل الثاني تعليل لقوله ارجع والمراد افتنا في أمر هذه الرؤيا ففى افتائك رجاء ان ارجع به إلى الناس واخبرهم بها وفي رجوعي إليهم رجاء ان يعلموا به فيخرجوا به من الحيرة والجهاله.
ومن هنا يظهر ان قوله ارجع في معنى ارجع بذلك فمن المعلوم انه لو افتى فيه فرجع المستفتى إلى الناس كان رجوعه رجوع عالم بتأويله خبير بحكمه فرجوعه عندئذ إليهم رجوع بمصاحبة ما القى إليه من التأويل فافهم ذلك.
وفى قوله اولا افتنا وثانيا {لعلى ارجع إلى الناس} دلالة على انه كان يستفتيه بالرسالة عن الملك والملا ولم يكن يسأله لنفسه حتى يعلمه ثم يخبرهم به بل ليحمله إليهم ولذلك لم يخصه يوسف بالخطاب بل عم الخطاب له ولغيره فقال تزرعون إلخ.
وفى قوله إلى الناس اشعار أو دلالة على ان الناس كانوا في انتظار ان يرتفع بتأويله حيرتهم وليس إلا أن الملا كانوا هم اولياء امور الناس وخيرتهم في الأمر خيرة الناس أو ان الناس انفسهم كانوا على هذا الحال لتعلقهم بالملك واهتمامهم برؤياه لأن الرؤيا ناظرة غالبا إلى ما يهتم به الإنسان من شؤن الحياة والملوك انما يهتمون بشؤون المملكة وامور الرعية.
قوله تعالى: {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون} قال الراغب الدأب ادامة السير دأب في السير دأبا قال تعالى: {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} والدأب العادة المستمرة دائما على حاله قال تعالى: {كدأب آل فرعون} أي كعادتهم التي يستمرون عليها انتهى وعليه فالمعنى تزرعون سبع سنين زراعة متوالية مستمرة وقيل هو من دأب بمعنى التعب أي تزرعون بجد واجتهاد ويمكن ان يكون حالا أي تزرعون دائبين مستمرين أو مجدين مجتهدين فيه.
ذكروا ان تزرعون خبر في معنى الانشاء وكثيرا ما يؤتى بالأمر في صورة الخبر مبالغة في وجوب الامتثال كأنه واقع يخبر عنه كقوله تعالى: {تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله} الصف: 11 والدليل عليه قوله بعد: {فما حصدتم فذروه في سنبله} قيل وانما أمر بوضعه وتركه في سنبله لأن السنبل لا يقع فيه سوس ولا يهلك وان بقى مدة من الزمان وإذا ديس وصفى اسرع إليه الهلاك.
والمعنى ازرعوا سبع سنين متواليات فما حصدتم فذروه في سنبله لئلايهلك وحفظوه كذلك الا قليلا وهو ما تأكلون في هذه السنين.
قوله تعالى: {ثم ياتي من بعد ذلك سبع شداد ياكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون} الشداد جمع شديد من الشدة بمعنى الصعوبة لما في سني الجدب والمجاعة من الصعوبة والحرج على الناس أو هو من شد عليه إذا كر وهذا انسب لما بعده من توصيفها بقوله: {يأكلن ما قدمتم لهن}.
وعليه فالكلام يشتمل على تمثيل لطيف كأن هذه السنين سباع ضارية تكر على الناس لافتراسهم واكلهم فيقدمون إليها ما ادخروه عندهم من الطعام فتأكله وتنصرف عنهم.
والاحصان الاحراز والادخار والمعنى ثم ياتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السنين الخصبة سبع سنين شداد يشددن عليكم ياكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحرزون وتدخرون.
قوله تعالى: {ثم ياتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون} يقال غاثه الله واغاثه أي نصره ويغيثه بفتح الياء وضمها أي ينصره وهو من الغوث بمعنى النصرة وغاثهم الله يغيثهم من الغيث وهو المطر فقوله: {فيه يغاث الناس} ان كان من الغوث كان معناه ينصرون فيه من قبل الله سبحانه بكشف الكربة ورفع الجدب والمجاعة وانزال النعمة والبركة وان كان من الغيث كان معناه يمطرون فيرتفع الجدب من بينهم.
وهذا المعنى الثاني انسب بالنظر إلى قوله بعده وفيه يعصرون ولا يصغى إلى قول من يدعى ان المعنى الأول هو المتبادر من سياق الآية إلا على قراءة {يعصرون} بالبناء للمجهول ومعناه يمطرون.
وما اورده بعض المستشرقين على المعنى الثاني انه لا ينطبق على مورد الآية فان خصب مصر انما يكون بفيضان النيل لا بالمطر فالامطار لا تؤثر فيها اثرا.
رد عليه بان الفيضان نفسه لا يكون الا بالمطر الذي يمده في مجاريه من بلاد السودان.
على ان من الجائز ان يكون يغاث ماخوذا من الغيث بمعنى النبات قال في لسان العرب والغيث الكلاء ينبت من ماء السماء انتهى وهذا انسب من المعنيين السابقين بالنظر إلى قوله وفيه يعصرون.
وقوله وفيه يعصرون من العصر وهو اخراج ما في الشيء من ماء أو دهن بالضغط كاخراج ماء العنب والتمر للدبس وغيره واخراج دهن الزيت والسمسم للائتدام والاستصباح وغيرهما ويمكن ان يراد بالعصر الحلب أي يحلبون ضروع انعامهم كما فسره بعضهم به.
والمعنى ثم ياتي من بعد ذلك أي ما ذكر من السبع الشداد عام فيه تنبت اراضيهم أو يمطرون أو ينصرون وفيه يتخذون الاشربة والادهنة من الفواكه والبقول أو يحلبون ضروع انعامهم وفيه كناية عن توفر النعمة عليهم وعلى انعامهم ومواشيهم.
قال البيضاوى في تفسيره وهذه بشارة بشرهم بها بعد ان اول البقرات السمان والسنبلات الخضر بسنين مخصبة والعجاف واليابسات بسنين مجدبة وابتلاع العجاف السمان بأكل ما جمع في السنين المخصبة في السنين المجدبة ولعله علم ذلك بالوحى أو بأن انتهاء الجدب بالخصب أو بان السنة الإلهية ان يوسع على عباده بعد ما ضيق عليهم انتهى وذكر غيره نحوا مما ذكره.
وقال صاحب المنار في تفسيره في الآية والمراد ان هذا العام عظيم الخصب والاقبال يكون للناس فيه كل ما يبغون من النعمة والا تراف والانباء بهذا زائد على تأويل الرؤيا لجواز ان يكون العام الأول بعد سني الشدة والجدب دون ذلك فهذا التخصيص والتفصيل لم يعرفه يوسف الا بوحى من الله عز وجل لا مقابل له في رؤيا الملك ولا هو لازم من لوزام تأويلها بهذا التفصيل انتهى.
والذى ارى انهم سلكوا تفسير آيات الرؤيا وتاويلها سبيل المساهلة والمسامحة وذلك انا إذا تدبرنا في كلامه عليه السلام في التأويل اعني قوله: {تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله الا قليلا مما تأكلون ثم ياتي من بعد ذلك سبع شداد يأكلن ما قدمتم لهن الا قليلا مما تحصنون} وجدناه عليه السلام لم يبن كلامه على اساس اخبارهم بما سيستقبلهم من السنين السبع المخصبة ثم السنين السبع المجدبة ولو انه اراد ذلك لكان من حق الكلام ان يقول مثلا يأتي عليكم سبع مخصبات ثم ياتي من بعدها سبع شداد يذهبن بما عندكم من الذخائر ثم إذا سئل عن دفع هذه المخمصة وطريق النجاة من هذه المهلكة العامة قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله إلى آخر ما قال.
بل بنى كلامه على ذكر ما يجب عليهم من العمل وبين ان امره بذلك توطئة وتقدمة للتخلص عما يهددهم من المجاعة والمخمصة وهو ظاهر وهذا دليل على ان الذي رآه الملك من الرؤيا انما كان مثال ما يجب عليه من اتخاذ التدبير لانجاء الناس من مصيبة الجدب واشارة إلى ما هو وظيفته قبال مسؤليته في أمر رعيته وهو ان يسمن بقرات سبعا لتأكلهن بقرات مهازيل ستشد عليهم ويحفظ السنابل الخضر السبع بعد ما يبست على حالها من غير دوس وتصفية لذلك.
فكأن نفس الملك شاهدت في المنام ما يجب عليه من العمل قبال ما يهدد الأرض من سنة الجدب فحكت السنين المخصبة والمجدبة أي الرزق الذي يرتزقون به فيها في صورة البقرة ثم حكت ما في السبع الأول من تكثير المحصول بزرعها دأبا في صورة السمن وما في السبع الاخر في صورة الهزال وحكت نفاد ما ادخروه في السبع الأولى في السبع الثانية بأكل العجاف للسمان وحكت ما يجب عليهم في حفظ ذخائر الرزق بالسنبلات اليابسة قبال السنبلات الخضر.
ولم يزد يوسف عليه السلام في تأويله على ذلك شيئا الا امورا ثلاثة احدها ما استثناه بقوله: {إلا قليلا مما تأكلون} وليس جزء من التأويل وانما هو اباحة وبيان لمقدار التصرف الجائز فيما يجب ان يذروه في سنبله.
وثانيها قوله: {الا قليلا مما تحصنون} وهو الذي يجب ان يدخروه للعام الذي فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ليتخذ بذرا ومددا احتياطيا وكأنه عليه السلام اخذه من قوله في حكاية الرؤيا ياكلهن سبع عجاف حيث لم يقل اكلتهن بل عبر عن اشتغالهن باكلهن ولما يفنيهن بأكل كلهن ولو كانت ذخائرهم تنفد في السنين السبع الشداد لرأى انهن اكلتهن عن آخرهن وثالثها قوله ثم ياتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون والظاهر انه عليه السلام استفاده من عدد السبع الذي تكرر في البقرات السمان والعجاف والسنبلات الخضر وقوله: {ثم ياتي من بعد ذلك عام} وان كان اخبارا صورة عن المستقبل لكنه كناية عن ان هذا العام الذي سيستقبلهم بعد مضى السبع الشداد في غنى عن اجتهادهم في أمر الزرع والادخار ولا تكليف فيه يتوجه إليهم بالنسبة إلى ارزاق الناس.
ولعله لهذه الثلاثة غير السياق فقال فيه يغاث الناس وفيه يعصرون ولم يقل فيه تغاثون وفيه تعصرون بالجرى على نحو الخطاب في الآيتين السابقتين ففيه اشارة إلى ان الناس في هذا العام في غنى عن اجتهادكم في أمر معاشهم وتصديكم لادارة ارزاقهم بل يغاثون ويعصرون لنزول النعمة والبركة في سنة مخصبة.
ومن هنا يظهر اندفاع ما ذكره صاحب المنار في كلامه المتقدم ان هذا التخصيص لم يعرفه يوسف عليه السلام الا بوحى من الله لا مقابل له في رؤيا الملك ولا هو لازم من لوازم تأويلها بهذا التفصيل انتهى.
فان تبدل سنى الجدب بسنة الخصب مما يستفاد من الرؤيا بلا ريب فيه واما ما ذكره من كون هذه السنة ذات مزية بالنسبة إلى سائر سني الخصب تزيد عليها في وفور الرزق فلا دليل عليها من جهة اللفظ البتة.
ومما ذكرنا أيضا تظهر النكتة في ترك توصيف السنبلات اليابسات في الآية بالسبع حيث قيل وسبع سنبلات خضر واخر يابسات حيث عرفت ان الرؤيا لا تجلى نفس حادثة الخصب والجدب وانما تجلى ما هو التكليف العملي قبال الحادثة فيكون توصيف السنابل اليابسة بالسبع مستدركا مستغنى عنه بخلاف ما لو كان ذلك اشارة إلى نفس السنين المجدبة فافهم ذلك.
ومما تقدم يظهر أيضا ان الانسب ان يكون المراد بقوله يغاث وقوله يعصرون الامطار أو اعشاب الكلاء وحلب المواشي لأن ذلك هو المناسب لما رآه في منامه من البقرات السبع سمانا وعجافا فإن هذا هو المعهود ومنه يظهر وجه تخصيص الغيث والعصر بالذكر في هذه الآية والله اعلم.
قوله تعالى: {وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن ايديهن ان ربي بكيدهن عليم} في الكلام حذف واضمار ايجازا والتقدير على ما يدل عليه السياق والاعتبار بطبيعة الأحوال وجاء الرسول وهو الساقي فنبأهم بما ذكره يوسف من تأويل الرؤيا وقال الملك بعد ما سمعه: ائتوني به.
وظاهر ان الذي انبأه من جدب سبع سنين متوالية كان امرا عظيما والذي اشار إليه من الرأي البين الصواب اعظم منه واغرب عند الملك المهتم بأمر امته المعتني بشؤون مملكته وقد افزعه ما سمع وادهشه ولذلك أمر باحضاره ليكلمه ويتبصر بما يقوله مزيد تبصر ويشهد بهذا ما حكاه الله من تكليمه اياه بقوله: {فلما جاءه وكلمه} إلخ.
ولم يكن امره باتيانه به اشخاصا له بل اطلاقا من السجن واشخاصا للتكليم ولو كان اشخاصا واحضارا لمسجون يعود إلى السجن بعد التكليم لم يكن ليوسف عليه السلام ان يستنكف عن الحضور بل اجبر عليه اجبارا بل كان احضارا عن عفو واطلاق فوسعه ان ياتي الحضور ويسأله ان يقضي فيه بالحق وكانت نتيجة هذا الاباء والسؤال ان يقول الملك ثانيا: ائتوني به استخلصه لنفسي بعد ما قال اولا ائتوني به وقد راعى عليه السلام ادبا بارعا في قوله للرسول: {ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن ايديهن} فلم يذكر امراة العزيز بما يسوؤه وليس يريد إلا أن يقضى بينه وبينها وانما اشار إلى النسوة اللاتى راودنه ولم يذكرهن أيضا بسوء الا بأمر يظهر بالتحقيق فيه براءته ولا براءته من مراودة امرأة العزيز بل نزاهته من أي مراودة وفحشاء تنسب إليه فقد كان بلاؤه عظيما.
ولم يذكرهن بشئ من المكروه الا ما في قوله: {ان ربى بكيدهن عليم} وليس الا نوعا من بث الشكوى لربه.
وما الطف قوله في صدر الآية وذيلها حيث يقول للرسول: {ارجع إلى ربك فاسأله} ثم يقول ان ربى بكيدهن عليم وفيه نوع من تبليغ الحق وليكن فيه تنبه لمن يزعم ان مراده من ربى فيما قال لامرأة العزيز انه ربى احسن مثواى هو زوجها وانه يسميه ربا لنفسه.
وما الطف قوله ما بال النسوة اللاتى قطعن ايديهن والبال هو الأمر الذي يهتم به يقول ما هو الأمر العظيم والشأن الخطير الذي اوقعهن فيما وقعن فيه وليس الا هواهن فيه وولههن في حبه حتى انساهن انفسهن فقطعن الايدى مكان الفاكهة تقطيعا فليفكر الملك في نفسه ان الابتلاء بمثل هذه العاشقات الوالهات عظيم جدا والكف عن معا شقتهن والامتناع من اجابتهن بما يردنه وهن يفدينه بالانفس والاموال اعظم ولم يكن المراودة بالمرة والمرتين ولا الالحاح والاصرار يوما أو يومين ولن تتيسر المقاومة والاستقامة تجاه ذلك الا لمن صرف الله عنه السوء والفحشاء ببرهان من عنده.
قوله تعالى: {قال ما خطبكن إذ راودتن يوسف عن نفسه قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء} الآية قال الراغب الخطب الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب قال تعالى: {فما خطبك يا سامرى} {فما خطبكم ايها المرسلون} انتهى.